الزكوات ، وقد نزلت في تاسع الهجرة أو عاشرها.
ولا تعني «من» هنا تبعيضا في الأموال ، أن يؤخذ البعض دون الآخر حتى ينطبق ذلك البعض على التسعة الشهيرة ، لأنها لا تؤخذ كلها ، بل بعض منها ، ثم «أموالهم» تحلّق على كل الأموال ، فهي ـ إذا ـ كلها موارد لذلك الأخذ ، ف «من» تعني بعضا من كل فرد فرد وكل صنف صنف من أموالهم ، ولو عنت بعضا من بعض لكان صحيح التعبير وفصيحه «خذ من بعض أموالهم».
ذلك ، فلو كان النص «خذ أموالهم صدقة» كان الفرض أخذ كل أموالهم دون إبقاء ، ولو كان «خذ من بعض أموالهم» كان أخذ البعض من بعض أموالهم ، ولكن النص (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) فلا يعني إلا الأخذ من بعض الجميع وهو بعض كل منها ، دون المجموع ، ولا تصلح ولا تصح عناية البعض القليل القليل من «أموالهم» وهي جمع مضاف يعني كل أموالهم.
ومهما اختصت آيات الصدقات بأنها كلها مدنيات ، ولكن آيات إيتاء المال والإنفاق والزكوة تعم العهدين ، مما يبرهن أن الزكوة فريضة مكية قبل المدينة ، بل هي من اوليات فرائضها ، كما قرنت بالصلاة وهي أولى الفرائض على الإطلاق ، مهما كان تطبيقها المطبّق بنصاباتها الخاصة في المدينة حين نزلت عليه (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ..) وقد كانت في مكة فرضا غير محدد إلا بحدود الإمكانية.
وهنا تضاف إلى مكيات الزكوة التسع (١) مدنيات أربع (٢) تتحدث عن فرضها في الشرايع السابقة ، فإنها تنجر إلى شرعة الإسلام ما لم تنسخ وقد أثبتت في العهدين.
__________________
(١) هي الآيات ٧ : ١٥٦ و ٢٣ : ٤ و ٢٧ : ٣ و ٣٠ : ٣٩ و ٣١ : ٤ و ٤١ : ٧ و ٨٧ : ١٤ و ٧٣ : ٢٠ و ٩٢ : ١٨.
(٢) وهي ٢ : ٤٣ و ١٩ : ٣١ و ٥٥ و ٢١ : ٧٣.