يزيده الله من فضله ، وعلى أية حال أن يكون لسان القال والحال (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) أعطانا قليلا أو كثيرا.
وبالتالي ـ بعد بيان هذا الأدب البارع بحق الله وحق رسوله ، يقرر أن الأمر ليس أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما هو رسول في البلاغ والتطبيق ، وليس له من الأمر شيء.
(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٦٠).
آية وحيدة منقطعة النظير تقرر موارد الزكوة الثمانية لمرة يتيمة (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) جديرة بين آي الصدقات والإنفاقات والزكوات وسائر الايتاآت أن تمحور في البحث عن أمهات مسائل الزكوة ، وقد قرنت بها الصلاة في كثير من الآيات كشريطة أصيلة للإيمان ، والخروج عن اللّاإيمان ، وفي القرآن كله نجد إيتاء المال والصدقات والإنفاقات تعني كلها «الزكوة» مهما اختلفت عنها التعبيرات.
والصدقة هي ما تجافى به الإنسان عن حقه في سبيل الله ، فهي صدقة الإيمان بالله والأخوة في الله ، صدقا في الحصول عليه ، وصدقا في إنفاقه ، وهو النية الصادقة دون من ولا أذى.
فآية الصدقات ـ هذه ـ مما تكفي برهانا ساطعا على أنها ككلّ هي الزكوات (١).
كما أن (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ..) (٩ : ١٠٣) تجعل كل الأموال المأخوذة فرضا من المسلمين صدقات هي
__________________
(١) وهي ١٤ آية كلها مدنيات. تعني كلها الزكوة بوجه عام وحتى في «فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (٢ : ١٩٦) بل وحتى في «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة» (٤ : ٤) مهما كانت هي المهور الواجبة لأنها لا مقابل لها إلا العطف بالنساء فإن ما يؤتينه يقال ما يأخذنه وزيادة ، إذا فمهورهن صدقات.