المؤمن غير الراضي بقسم الله في تكوين أو تشريع داخل في حقل التنديد قدر السخط في ذلك قالا وحالا وأعمالا.
وترى يجوز أن يدفع لمنافق صدقة؟ طبعا لا ، فكيف (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا) وإعطاءهم منها محظور؟.
إعطاءهم منها كأصل محظور ، وأما إعطاءهم خوف إفسادهم فمحبور ، وكما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (١) وهكذا الأمر في المؤلفة قلوبهم ، فعلّ المنافق يصبح موافقا بتلك العطية أو يترك شرّه وضرّه.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ)(٥٩).
«لو» هنا ترج لما لم يحصل منهم أو لمّا يحصل ، فالنص يقرر أن المنافقين على نفاقهم لو رضوا ... لأصبحوا من المؤمنين بذلك الرضى فإنه قضية الإيمان ، وهنا تعني (ما آتاهُمُ اللهُ) تكوينا وتشريعا «ورسوله» تطبيقا رساليا ، إذ ليس الرسول مشاركا لله تكوينا أو تشريعا ولا نائبا عنه وهكذا (سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) تقديرا «ورسوله» تقريرا (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) لا سواه.
ذلك أدب نفسي أديب أريب أن يرضى العبد بقسمة الله ، رجاء أن
__________________
(١) وفيه روى أبو بكر الأصم انه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لرجل من أصحابه : ما علمك بفلان؟ فقال : ما لي به علم إلا أنك تدنيه في المجلس وتجزل له العطاء ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنه منافق أدارى عن نفاقه وأخاف أن يفسد على غيره ، فقال : لو أعطيت فلانا بعض ما تعطيه ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنه مؤمن أكله إلى إيمانه وأما هذا فمنافق أداريه خوف إفساده ، وفيه قال الضحاك : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقسم بينهم ما آتاه الله من قليل المال وكثيره وكان المؤمنون يرضون بما اعطوا ويحمدون الله عليه وأما المنافقون فإن أعطوا كثيرا فرحوا وإن أعطوا قليلا سخطوا ، وفيه : قيل إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستعطف أهل مكة يومئذ بتوفر الغنائم عليهم فسخط المنافقون.