لحق ، أم غيرة على الدين ، إنما ذلك التطاول مغبة أهواءهم ورغباتهم الغائلة الطائلة ، وحماسة لهوساتهم الجهنمية (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا) مهما كان ظلما (وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) مهما كان عدلا.
ولقد اسخطوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهمزهم ولمزهم إياه في الصدقات ومن قالاتهم : «إعدل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل» (١) أم «هذه قسمة ما أريد به وجه الله» (٢).
وتلك السجية المنافقة اللعينة وهي عدم الرضى بحكم الله في تقسيم صدقة أماهيه ، إنها دركات حسب دركات الحالات والمجالات ، فحتى
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٥٠ عن أبي سعيد الخدري قال : بينما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي فقال : اعدل ... فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نضبه فلا يرى فيه شيء ثم ينطر في رصافه فلا يرى فيه شيء ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آتيهم رجل أسود إحدى يديه ـ أو قال ـ ثدييه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدرد يخرجون على حين فرقة من الناس ، قال : فنزلت فيهم ومنهم من يلمزك في الصدقات ... قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأشهد أن عليا حين قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) وفيه أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : لما قسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غنائم حنين سمعت رجلا يقول : إن هذه قسمة ما أريد بد وجه الله فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكرت له ذلك فقال : «رحمة الله على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ونزل» ومنهم من يلمزك في الصدقات.
وفي تفسير الفخر الرازي ١٦ : ٩٧ قال الكلبي قال رجل من المنافقين يقال له أبو الجواظ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : تزعم أن الله أمرك أن تضع الصدقات في الفقراء والمساكين ولم تضعها في رعاء الشاء؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا أبا لك أما كان موسى راعيا أما كان داود راعيا فلما ذهب قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون.