أن يعفو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عما فرضه الله؟ اللهم إلّا مرحليّا تطبيقيا مؤقتا توطينا للنفوس على أداء الزكوة ، وأنه لم يكن في عهدي الرسول مكيا ومدنيا سوى هذه التسع من الأموال التي تأتي فيها الزكوة أم هي أهمها وأكثرها ، لا سيما وأن العهد المكي هو عهد أفقر الفقر للمسلمين المحاصرين اقتصاديا وفي كل الحركات ، لذلك يكتفى في آياتها المكية بفرضها دون واجب أخذها ، ثم الزكوة تعني كل ما يزكي الإنسان دون اختصاص بالأموال ، كزكاة العلم والمعرفة أماهيه ، ثم ولم تكن زكاة المال مختصة بنصاب خاص ، بل هي كل ما سمحت به الأيدي قدر المستطاع كما تعنيه آية البقرة : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (٢١٩).
فلا يعني «عفى» عفوه من عند نفسه ، فإنه مساماة لربه في التشريع أو فرية على ربه أن نسبه إليه ، ولا عفوه تخويلا من الله إليه حيث الربوبية تكوينية ولا تشريعية وما أشبه لا تخول ، وإنما هو رسول ليس إلا ، ولو كان مشرعا بآية صورة لكان ربا رسولا ، والناصية العامة من الآيات التي تتحدث عن كيان الرسول تحصره في الرسالة فقط ، وليس التشريع وكالة من الرسالة ، بل هو ربوبية مخولة!.
نرى الزكوة في كافة الشرائع الإلهية متعلقة بكل الأموال ، كما تشير
__________________
ـ الزكوة على تسعة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والإبل والبقر والغنم وعفا عما سوى ذلك.
وفي الكافي قال يونس معنى قوله أن الزكوة في تسعة أشياء وعفا عما سوى ذلك إنما كان ذلك في أول النبوة كما كانت الصلاة ركعتين ثم زاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها سبع ركعات وكذلك الزكوة وضعها وسنها في أوّل نبوته على تسعة أشياء ثم وضعها على جميع الحبوب.
وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) هل في الأرز شيء؟ فقال : نعم ، ثم قال : إن المدينة لم تكن يومئذ أرض أرز فيقال فيه ولكنه قد جعل فيه وكيف لا يكون فيه وعامة خراج أهل العراق منه؟ (التهذيب ٤ : ٦٥) أقول : وعل «عفى عما سوى ذلك» يشمل عفو الذكر عما لم يكن يومئذ في نطاق الحكم الإسلامي.