ثم وحكمة الزكوات المذكورة في الروايات أنها كفاية عن كل حاجيات الفقراء ، لا تناسب وانحصارها في هذه التسعة ، لا سيما إذا اختص النقدان فيها بالذهب والفضة المسكوكتين ، وهي لم تعد ـ بعد ـ باقية إلّا في شطر من البلاد والزمن ، فهي الآن ومنذ أمد بعيد لا توجد إلّا في مستودعات الأشياء العتيقة.
وليس الدينار والدرهم ، أو المسكوك منهما في أحاديثنا إلّا نموذجين من النقد الرائج في تلك الأيام ، ولكلّ يوم نقد ، وقد انحصر اليوم في الأوراق النقدية الرائجة في كافة البلاد.
وكيف يصدق أن في مأتي درهم فضة مسكوكة زكاة وليس في ملايين الليرات والدولارات والتومانات زكاة؟ وشرعة الإسلام بمشاريعها تحلّق على كل عصر ومصر!.
أم كيف يصدق أن في خمسة أوسق من الغلات الأربع زكات ، وليس في خمسة آلاف أوساق من سائر النبات زكاة ، ومنها ما هي أغلى كالأرز والزيتون وما أشبه.
أم كيف يعقل أن في خمسة آبال زكاة وليست في خمسين أو خمسمائة أما زاد من سيارات وباخرات وطائرات زكوة؟.
ذلك كله إضافة إلى أن شروطا لواجب الزكاة في هذه التسعة تجعلها كالعادمة إطلاقا.
فحين يختص واجب الزكاة في الأنعام بغير المعلوفة ، فإن علفتها وإن في أيام قلائل فلا زكوة ، وهناك من يعلفها فرارا عن الزكوة ، أم وتقل
__________________
ـ والموثق قال : سألته عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعا فيمكث عنده السنة والسنتين وأكثر من ذلك؟ قال : ليس عليه زكاة حتى يبيعه إلا أن يكون أعطى به رأس ماله فيمنعه من ذلك التماس الفضل فإذا هو فعل ذلك وجبت فيه الزكاة وإن لم يكن أعطى به رأس ماله فليس عليه زكاة حتى يبيعه وإن حبسه ما حبسه فإذا هو باعه فإنما عليه زكاة سنة واحدة.