في الأخرى ب «فاقرة» : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ. تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٧٥ : ٢٥).
ثم الترتيب الثماني مقصود هنا دونما فوضى ، فكما الفقير أسوء حالا من المسكين ، كذلك المسكين هو أسوء حالا من العاملين عليها ، وإلى البقية الباقية حيث إن كل سابق أحوج من لاحقه ، فالمؤلفة قلوبهم هم أحرى من الرقاب ، فإنهم رقاب أسرى عقيديا وليس الرقاب هكذا ككل ، ثم الرقاب أحرى من الغارمين فإنهم أسرى بأنفسهم وهؤلاء بغرمهم في أموالهم ، ثم في سبيل الله الشاملة لكل سبيل الله هي عامة بعد هؤلاء الخصوص حيث الكل لها صبغة «في سبيل الله» ومن ثم «ابن السبيل» مصداق من مصاديقها.
ذلك والتقسيم ليس بين هؤلاء على حد سواء ، وإنما لكلّ قدر الحاجة الضرورية ثم الزائدة عنها ، وعند الدوران بينهم حيث لا تكفى الصدقات كلهم فالتقدم للأقدام فالأقدم ذكرا وحاجة.
وعلى أية حال فالفقير والمسكين هما اللذان لا يملكان القوت قدر الحاجة الضرورية ، أم ولا يقدران على تحصيله دون عسر وحرج ، أم ولا بعسر أو حرج ، فالأولان قد يشك في جواز إعطاء الزكاة لهما ، ولا شك في الأخيرين ، ثم المتوسطان متوسطان ، ومهما يكن من شيء فلا ريب في تقدم الأخير على ما قبله ، والوسيط على ما قبله. ثم لا ريب في تقدم من له كل العناوين الثمانية على من دونه منها ، فالفقير يتقدم على المسكين ، والفقير من أبناء السبيل يتقدم على أحدهما ، وهكذا القياس.
__________________
ـ فقال : الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي هو اجهد منه الذي يسأل (الوسائل ب ١ ح ٢ من مستحقي الزكاة)
أقول : علىّ أجهد منه وهو أسعى تعني سؤاله فالذي يسأل هو بطبيعة الحال اغني من الذي لا يسأل وقد قال الله تعالى : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ..) (٢ : ٢٧٣).