ويقابل «الفقراء والمساكين» الأغنياء و «لا تحل الصدقة لغني» (١) وهو أعم من غنى المال الحاضر ، والغائب بحرفة حاضرة كافية ، أم بحرفة مقدورة غير محرجة ، فليس الزكاة إلّا للساعين قدر مقدورهم بنقصان مؤنة ، أو القصّر والعجزة الذين لا يقدرون على مؤنتهم ، ولأن الزكاة دين للفقراء في أموال الأغنياء فلا بد من التحري في إيصالها إلى أهلها إلّا أن يخطأ قاصرا فقد يعفي عنه (٢).
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٥٨ ـ ١٦١ ح ٨ ـ ٩ ـ ١١ وفي الدر المنثور ٣ : ٣٥٢ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لا تحل الصدقة لغني ولا ذي مرة سوي». وفيه أخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال أخبرني رجلان انهما أتيا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع وهو يقسم بالصدقة فسألاه منها فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال ان شئتما اعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب».
ويدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : سمعته يقول : إن الصدقة لا تحل لمحترف ولا لذي مرة سوي قوي فتنزهوا عنها» (الكافي ٣ : ٤٥٠ رقم ٢).
وعن زرارة عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ولا لمحترف ولا لقوي ، قلنا : ما معنى هذا؟ قال : لا تحل له أن يأخذها وهو يقدر على ما يكف نفسه عنها» (قرب الإسناد ٧٢) أقول : فلا تعني الغني المال الحاضر الوافي ولا الحرفة الحاضرة الوافية ، بل تكفي القدرة على تحصيل المؤنة وإن كان تارك الحرفة تينلا ، ثم يعني المحترف الذي تكفيه حرفته لمؤنته وإلا فليأخذ الناقص عنها على حرفته ويدل عليه صحيحة معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أيكسب فيأكلها ولا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة؟ قال : لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسّعه ذلك من عياله ويأخذ البقية من الزكاة ويتصرف بهذه ولا ينفقها» (الكافي ٣ : ٥٦١ رقم ٦).
(٢) كما في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل عارف ادى زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : نعم ، قال قلت فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك :؟ قال : يؤديها إلى أهلها لما مضى ، قال : قلت له : فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال : ليس عليه أن يؤديها مرة أخرى» (الكافي ٣ : ٥٤٦ رقم ٢).