ولا تشرط العدالة ولا الوثاقة ولا الإيمان في الفقراء والمساكين لإطلاق النص فيهما مهما كان التقدم للمؤمنين في دوران الأمر بينهم وبين الكافرين ، فللفقر والمسكنة على أية حال نصيبهما كما لسائر العناوين الثمانية ، وكلها مصبوغة بصبغة واحدة هي «سبيل الله».
ثم (الْعامِلِينَ عَلَيْها) هم عمال أخذ الزكاة ، وهذا يلمح بما تصرح به الآية (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) أن أمر أخذ الزكاة ليس إلا لإمام المسلمين وليس فوضى جزاف ، لأنها الضريبة الإسلامية العامة الكبرى التي بها تقام المصالح الإسلامية اقتصادية وروحية وسواها ، فلا بد أن تكون بأيدي قادة المسلمين الصالحين.
وترى كيف يتساءل حول أداء الزكاة بصورة شخصية وهي شأن حكومي؟ إذ لم تكن هنالك حكومة عادلة تستحق أخذ الزكوة!.
وهل يشترط في (الْعامِلِينَ عَلَيْها) العدالة؟ الظاهر نعم حيث المال ليس لهم فحسب بل ولسائر الثمانية أيضا ، فليكن العامل أمينا وكما في الصحيح «فإذا قبضته فلا توكل إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا» (١) ولكن الأمانة والحفظ يكفيان للحفاظ على المال ، والنصيحة والشفقة تكفيان للجباية الصالحة ، فلا تجب العدالة بل لا تكفي في عمالة الزكاة ، فهي العمالة بالحق كما يروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «العامل على الصدقة بالحق كالغازي حتى يرجع إلى بيته» (٢).
ثم (الْعامِلِينَ عَلَيْها) لهم من الزكاة حق العمالة وليس حقّ الفقر حتى يحرم عليهم من الزكاة فتحرم عمالة الهاشميين لحرمة الصدقة عليهم ، فلهم حق العمالة أيا كانوا ، وكما يجوز للهاشمي أخذ الزكوة من سائر أهليها أجرة لعمالة أخرى أم تجارة أماهيه ، بل ويجوز له الزكاة للفقر والمسكنة على الأقوى.
__________________
(١) هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما رواه معاوية بن عمار عنه طويلا.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٢٥١ ـ أخرج ابن أبي شيبة عن رافع بن خديج سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ..