بنفس المال في مزايدة الأموال التي تبذل لتأليف القلوب بين الدعايات المتضاربة من دعاة الأديان والمذاهب المشتتة.
إنما ذلك التأليف يجول في مجالاته المناسبة لهؤلاء الذين هم مقتنعون عقليا وعقائديا للإيمان ، وإنما يحجزهم أو يبطئهم من الالتحاق إلى كتلة الإيمان فقرهم حين يفصلون عن سائر الكتل.
ومن «هم قوم كانوا يأتون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أسلموا وكان يرضخ لهم من الصدقات فإذا أعطاهم من الصدقة فأصابوا منها خيرا قالوا هذا دين صالح وإن كان غير ذلك عابوه وتركوه» (١).
فالحكم الإسلامي يؤلف القلوب غير المسلمة بدعوات حقة ثم بأموال هي تكملات لتأليف قلوبهم ، فإذا انفرد كل من التأليفين الأليفين عن الآخر أصبح التأليف ناقصا غير أليف ، اللهم إلا شذرا نزرا من الناس الذين تؤلف قلوبهم بتأليف ما حالا أو مالا.
وليس تأليف القلوب النافرة يختص بزمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنها لا
تختص بزمنه ومن غريب التعبير عن نصيب المؤلفة قلوبهم هو ما يروى عن الخليفة أبي بكر أنه الرشا وهو قطعها في
__________________
ـ الله عزّ وجل (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) قال : هم قوم وحدوا الله عزّ وجلّ وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم في ذلك شكّاك في بعض ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمر الله عزّ وجلّ نبيه أن يتآلفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه وأقروا به أن ..
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٥١ ـ أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : هم قوم ...
وفيه أخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال بعث علي بن أبي طالب (عليه السلام) من اليمن إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذهيبة فيها تربتها فسمها بين أربعة من المؤلفة الأقرع بن جالس الحنظلي وعلقمة بن علاثة العامري وعيينة بن الفزاري وزيد الخيل الطائي فقالت قريش والأنصار أيقسم بين صناديد أهل نجد ويدعنا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنما اتألفهم.