الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)
(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٦١).
هنا «ويقولون» المضارعة تعم كافة القيلات ـ منذ نزول هذه الآية حتى القيامة الكبرى ـ حول أنه «أذن» من أذن الوحي نكاية عليه أنه لا يصدر عن عقليته الإنسانية ولا سائر العقول ، بل «هو أذن» فقط لوحي السماء؟.
وذلك ـ رغم ما يزعم ـ ليس له إلّا فضيلة ، حيث إن أذن الوحي لا يخطأ قصورا ولا تقصيرا ، وسائر الأذن خاطئة تقصيرا أو قصورا.
ثم «هو أذن» صاغ لكلّ من يكلمه ، فليس له رأي تصديقا أو تكذيبا ، ف «هو أذن» مهانة وإهانة بساحة النبوة كأنه يتقبل ما يسمح دون تحرّ عن حق القول وباطله ، وهكذا «أذن» شر حيث يجتمع في تقبل صاحبه شرا إلى خير ، والمتضادات بل والمتناقضات ، والجواب كلمة واحدة (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) عاقلا فيما يسمع ، عادلا فيما يقبل أم يرد ، وهو في كونه (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) فلا يسمع إلا بإذن الله على ضوء الإيمان بالله ، أو يسلب أو يوجب ما يسمعه إلّا بإذن الله ، فهو اذن الوحي الله ولكلام الناس ، وأين أذن من أذن؟ (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) بالله.
وترى ذلك (يُؤْمِنُ بِاللهِ) كافيا عما سواه من إيمان ، فما هو دور (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) «يؤمن له» هو إيمان لصالح من يؤمن له ، إيمانا بالله لصالح المؤمنين ، وأنه يؤمن المؤمنين عن كل بأس وبؤس وخوف ، فهو ـ إذا ـ للمؤمنين حيث يجعلهم في أمنه لما يسمع منهم قضية إيمانهم فيما يقولون ، وعناية أخرى هي تصديقة المؤمنين ك (ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) (فَما