آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) ثم «ورحمة» ككل ، بأذنه ولسانه وكل أحواله وأعماله (لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) أيها المنافقون ، فهو (أُذُنُ خَيْرٍ) للمؤمنين بالله ، و «أذن خير للذين آمنوا منكم» بالله ف «يؤمن. يؤمن. رحمة» هي من أدلة أنه (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) حيث المؤمن بالله والمؤمن للمؤمنين ورحمة لهم ، هو بطبيعة الحال (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ).
ولأن المفعول به في (يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) محذوف ، فقد يعني فيما يعنيه يؤمن المنافقين أن يجعلهم في أمن من صراح التكذيب لصالح المؤمنين ، حتى يقفوا عند حدهم ، تخفيفا عن جزرهم ومدهم ، أو يؤمنوا كما آمن هؤلاء ، إذا ف (يُؤْمِنُ بِاللهِ) أن يجعل نفسه في أمن بالله ، ويؤمن للمؤمنين ، أن يجعل أذنه صاغيا طليقا لصالح المؤمنين ، صغيا لأقوالهم الصادقة فهو لصالحهم ، وصغيا لأقوال المنافقين الكاذبة ، وهو أيضا لصالحهم ، حيث القسوة في المواجهة ترجع بالضرر عليهم ، ثم في تصليحه غير الصالح من أقاويل المؤمنين وسواهم (يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أمنا للمتكلم بإجابة صالحة لصالح المؤمنين ، وقد يعني (يُؤْمِنُ بِاللهِ) إضافة إلى إيمانه نفسه بالله ، إيمان الأمة أن يجعلهم في أمن بالله ، ثم «ويؤمن» جو الحياة «للمؤمنين» بذلك الإيمان المزدوج بالله ، مع جعل المنافقين أيضا في أمن دون قسوة زائدة ، لصالح المؤمنين ، إلا إذا لزم الأمر أن يقسوا معهم.
ثم (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ) بقولهم «هو اذن» وما أشبه (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الدنيا والآخرة.
وهكذا يكون داعية الحق أنه يسمع إلى كل قائل صادق فيصدقه أم كاذب فيرشده دونما غلظة كيلا يفلت ، فيخيّل إلى البسطاء أنه مصدق كلما يسمعه (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٥٣ عن ابن عباس في الآية يعني انه يسمع كل أحد قال الله عزّ وجل : «قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ..».
وفي نور الثقلين ٢ : ٢٣٦ عن تفسير القمي كان سبب نزولها أن عبد الله بن نفيل كان منافقا ـ