لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه حتى أنزل الله (١).
ذلك ، فأذن شر أو خليط بينه وبين خير خارج عن مثلث الإيمانين ورحمة ، فعلى الدعاة إلى الله أن يكونوا (أُذُنُ خَيْرٍ) حتى للمنافقين والكافرين ، أن يصغوا إليهم لصالحهم المرام عند الله ، فكما على الطبيب أن يسمع إلى المريض ليعرف علته ، وإلى الصحيح ليعرف صحته ، فيصلح المريض إلى الصحيح ، كذلك وبأحرى «طبيب دوار بطبه» عليه أن يكون (أُذُنُ خَيْرٍ) صاغيا صغي خير للمؤمنين ، ورحمة للذين آمنوا وهدى للآخرين.
أجل ، إنه أذن طليق لوحي الله ليبلغه إلى الناس ، وأذن يستمع إلى المؤمنين ليرشدهم إلى الأصلح في حالهم ، وأذن يستمع إلى المتحرّين عن الحق ليوصلهم إليه ، وأذن للآخرين علّه يردهم عن الردى ويهديهم إلى سبيل الرشاد والهدى.
فليس (هُوَ أُذُنٌ) سمعا لكل قول تصديقا دون تفطن إلى غش القول وزوره وغروره.
ذلك ، وقد تعني (أُذُنُ خَيْرٍ) كلا وجهي إضافة الموصوف إلى صفته وسواها ، فعلى الأولى هو خير أذن ، وعلى الأخرى أذن لخير لكم وليس أذنا لشر لكم ، والفرق بينهما أن الأولى تعني خير الأذن وإن سمع كذبا ، والثانية أذنا لخير فلا يسمع كذبا ، والجمع أجمع وأجمل.
وقد تلمح (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أن صغي قول هو لصالح المؤمنين محبور دون محظور ، مهما كان اغتيابا ، وكما استثني في نصح المستشير وما
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٣٦ في كتاب الإحتجاج للطبرسي باسناده إلى محمد بن علي الباقر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل يقول فيه وقد ذكر عليا (عليه السلام) ... حتى أنزل الله ... على الذين يزعمون أني أذن ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميت وان أومي إليهم بأعيانهم لأومأت وأن أدل عليهم لدللت ولكني والله في أمورهم قد تكرمت.