بطبيعة الحال تختص عنايته بالناس ، وقضية الإيمان بالله هي التوحيد في الرضاءه كعبادته وطاعته ، فإن مرضات الناس لا تحقق ، لاختلافهم فيها بمناقضات ومضادات ، ومرضات الله موحّدة في عبادته وطاعته دون سواه ، فالعقل يحكم ولا سيما على ضوء الإيمان بالله أن توحّد مرضات الله دون عناية لمرضات من سواه أيا كان ، إلّا من هو مرضاته مرضات الله ومشيته مشية الله (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) فقد تطلب مرضاتهم على هامش مرضات الله ، ولأنها أيضا من مرضات الله كما و (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ).
فمحاولة إرضاء الناس خبل وجنة إذ إن مرضات الناس مختلفة أو متناقضة ، ولو حصلت على مرضاتهم جميعا فليس لك إلا رضاهم جميعا.
ثم محاولة إرضاء الله هي عقل ورحمة ، فإن مرضاته واحدة غير متفرقة ، إذا فالعقل يحكم كما الشرع أن نحاول في تحصيل إرضاء الله ، رضي ناس أم سخطوا ، ولو أسخطت بمرضاة الله كل الناس لم يضروك شيئا ، وإن أسخطت الله بمرضات من الناس فهو كل الضرر.
فالأصل في الحياة العاقلة الإيمانية تحصيل مرضات الله بتطبيق شرعته بلسان رسوله في وحي الكتاب والسنة ف (اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) يفرد فيها الضمير لإفراد الرضا لله وحده ، حيث الرسول ليس يستقل أمام الله حتى يستغل مرضاته أمامه.
وكيف نحصل على مرضات الله؟.
أن نكون من الصادقين : (قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٥ : ١١٩).
ومن السابقين بإحسان : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ١٠٠).