ولأن هذه الولاية الجماهيرية هي من لزامات الإيمان ، فعلى كافة المؤمنين والمؤمنات أن يحصلوا على جدارة هذه الولاية ، تقديما لكل طاقاتهم وإمكانياتهم في هذه السبيل بمقدماتها ، كالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، فليكن كل واعظا آمرا ناهيا غيره كما يعظ ويأمر وينهى نفسه ، بادئا بنفسه حتى يصلح واعظا لغيره.
وحين يصبح الجو في المجتمع الإيماني جو الدعوة والعظة والأمر والنهي بشروطها ، فقد يسلم ذلك الجو الطاهر ، القاهر على التخلفات عن كافة النكبات ، ولكي يربي العائشين فيه من غير المؤمنين فضلا عن المؤمنين أنفسهم.
ذلك ، فكل فاعل لمنكر أو تارك لمعروف عليه مسئولية مضاعفة ما دام في ذلك الجو معروف متروك أو منكر مفعول ، أولاهما هي التخلف الشخصي عن شرعة الله ، وثانيتها التخلف عن جدارة الولاية بالنسبة لأمثاله من المتخلفين.
ذلك وهنا (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) حيث اقتسموا إلى بعضين اثنين ، قد يعنى من البعض الأول الجامعون لشروط الولاية ككل ، كالعدول في كل شيء ، ومعهم الجامعون لشروط الولاية في بعض الأمور ، ثم المولى عليهم هم المقصرون ، فهناك ولاية من طرف واحد ، ثم موالاة بين بعض وبعض حسب مختلف التخلفات فيهما.
إذا فهم بين آمرين وناهين من جانب ومأمورين ومنتهين من جانب آخر ، وآخر متآمرين ومتناهين فيما إذا اشتركوا في ترك واجب واقتراف محرم.
وقد تعني الأمة الآمرة الناهية وهم خير أمة أخرجت للناس الأولين ،
__________________
ـ ويسر عليهم إعطاءه كما يسر الغيث إلى الأرض الجدبة ليحييها ويحيى به أهلها وإن الله جعل للمعروف أعداء من خلقه بغض إليهم المعروف وبعض إليهم فعاله وحظر عليهم إعطاءه كما يحظر الغيث عن الأرض الجدبة ليهلكها ويهلك بها أهلها وما يعفو الله أكثر.