أفضل من نعيمهم بما في الجنان» (١).
فأين حظوة روحية ب (رِضْوانٌ مِنَ اللهِ) معرفية وعبودية وزلفى ، من حظوة جسدية في جناتها؟ مع كل مواصفاتها على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (٢).
وهنا «رضوان» تنكير قاصد لأقل رضوان إلى كثيرة وأكثره ، فقليل الرضوان أكبر من كثير الجنان و (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) جمعا بين رضوان وهذه الجنان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وكما أن السالكين إلى الله يوم الدنيا يفضّلون مرضات الله على مرضات أنفسهم ، كذلك يوم الأخرى ، ففي هذه الجنات رضوان لأنفسهم ، وأين هي من (رِضْوانٌ مِنَ اللهِ)؟ وقد (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٥ : ١١٩) (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ) (٥٨ : ٢٢) (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (٩٨ : ٨).
فحزب الله الذين يخشون ربهم هم المرضيون عند الله في الدنيا والآخرة و (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
أجل (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) هو أقصى الغايات وأنهى النهايات
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٥٧ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الملك الجهني قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : .. وفيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك يا ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول : هل رضيتم؟ فيقولون ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطه أحدا من خلقك فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا : يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال : أحل عليكم رضوان فلا أسخط عليكم بعده أبدا.
(٢) تفسير الفخر الرازي ١٦ : ١٣٢ عن أبي هريرة قلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حدثني عن الجنة ما بناءها؟ فقال : لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وترابها الزعفران وخصاءها الدر والياقوت فيها النعيم بلا بؤس والخلود بلا موت لا تبلى ثيابه ولا يغنى شبابه.