(سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) في الدنيا والآخرة بما يعقبهم من العذاب والتباب ، سخرية بسخرية وأين هي من هيه؟ ، حيث (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) و «إن الله تعالى لا يسخر ولا يستهزأ ولا يمكر ولا يخادع ولكنه تعالى يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا» (١).
وهنا التطوع الإيماني في الله له بعد ان اثنان : تكلف في الطوع في واجب أو راجح في واسع من الجهد ، ثم تكلف فيه في أصل الجهد وهو ضيقه وجهد المقل (٢) وهما من سماحة الإيمان فليس هنا واقع التكلف ، إنما هو ظرفه لمن لا ينفق ، فاللّامزون الساخرون من هؤلاء هم الساخرون من شرعة الله وسماحته في أمره بالإنفاق والتصدق ولا سيما جهد المقل ، و «قد أفلح المزهد المجهد قد أفلح المزهد المجهد» (٣).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٤٧ في عيون الاخبار باسناده إلى الحسن بن علي بن فضال عن الرضا (عليه السلام): ..
(٢) نور الثقلين ٢ : ٢٤٦ في تفسير القمي في الآية جاء سالم بن عمير الأنصاري بصاع من تمر فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كنت ليلتي أجر الجرير حتى عملت بصاعين من تمر فأقرضته أحدهما فأمسكته وأما الآخر فأقرضته ربي فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينثره في الصدقات فسخر منه المنافقون وقالوا : والله أن الله لغني عن هذا الصاع ما يصنع الله بصاعه شيئا ولكن أبا عقيل أراد أن يذكر نفسه ليعطي من الصدقات فقال الله : سخر الله منهم ولهم عذاب أليم.
وفيه عن المجمع روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه سئل فقيل يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال : جهد المقل.
وفي الدر المنثور ٣ : ٢٦٢ عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا فجاء عبد الرحمن فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندي أربعة آلاف ألفين أقرضهما ربي وألفين لعيالي فقال : بارك الله لك فيما أعطيت وبارك الله لك فيما أمسكت وجاء رجل من الأنصار فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إني بت أجر الجرير فأصبت صاعين من تمر فصاعا أقرضته ربي وصاعا لعيالي فلمزه المنافقون قالوا : والله ما أعطى ابن عوف الذي أعطى إلا رياء وقالوا : أو لم يكن الله ورسوله غنيين عن صاع هذا؟ فأنزل الله (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ ..).
(٣) المصدر أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي السليل قال : وقف علينا شيخ