قولهم : عزير ابن الله ، واتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وهم يأكلون أموال الناس بالباطل ، ويصدون عن سبيل الله ، فبهذه الدركات السبع الجهنمية يقاتلون حيث هم يشابهون فيها المشركين ، فهم ـ إذا ـ يتلون تلوهم إذ ينحون منحاهم ويغزون مغزاهم (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)!
إنهم ليسوا فقط طاعنين في ديننا بل هم طاعنون في كل الأديان ، بل وطعنتهم أطعن وأمعن من طعنات المشركين وسائر الكفار وكما وصفهم الله جملة واحدة : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ..) ، وكما نجد مواقفهم المضللة أمامهم وأمام المؤمنين؟.
(قاتِلُوا ... حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) أمام السلطات الإيمانية ، دون أية فرعنة واستكبار ، وبكل ذل وهم صغار ، وهذه أقل ما يعامل معهم في شرعة العدل والحكمة.
وهذه الآية هي الوحيدة في القرآن بميّزاتها ولا سيما ضريبة الجزية ، وما هي إلا حفاظا على أمنهم في ظل الدولة الإسلامية ، وكما تؤخذ سائر الضرائب من المؤمنين.
فلأن هؤلاء المتخلفين من أهل الكتاب هم كالمشركين ، لذلك فهم في صفوفهم لواجب قتالهم وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): القتال قتالان قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله ، فإذا فاءت أعطيت العدل (١) و «الجزية» هي هيئة خاصة من الجزاء ، وعلّها من أهل الكتاب جزاء عدم قتالهم ، ثم جزاء الحفاظ عليهم في دولة الإسلام علّهم ينتهون.
ثم «عن يد» مقرونة ب (وَهُمْ صاغِرُونَ) قد تعني «عن يد» منهم
__________________
(١). الدر المنثور ٣ : ٢٢٨ ـ أخرج ابن عساكر عن أبي أمامة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ...