يأتمرون ، أن على الكفار والمنافقين أن يقللوا من ضحكهم هنا ويكثروا من البكاء بما قدمت لهم أنفسهم (جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) هنا ، ثم (لْيَبْكُوا كَثِيراً) جزاء هناك.
وكذلك الأمر للمؤمنين تغاضيا عن الجزاء السوء ، بل حصولا على الحسنى في الحياة الأخرى حيث الضحك الكثير آية الغفلة والغفوة ، مهما كان المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه ، فهو حين يضحك حزين على ما يرى في الأرض من الفساد.
ذلك ، وعلى كل مقصر مؤمنا أو كافرا أن يبكي كثيرا على تقصيره وقصوره ، وتخضعا لله.
وطبيعة الحال في الكافر الغافل والمؤمن المستغفل أن يكون فرحا ، وتعاكسها في المؤمن النابه أن يكون قرحا ، فالكافر فرح بحريته في شهواته وله رفاق فيها كثير ، وليس قرحا إلا قليلا فيما لا ينال شهوة أو تناله مصيبة.
والمؤمن قرح حيث الإيمان هو قيد الفتك ، ولما يرى في الأرض من الفساد الكثير ورفاقه في الإيمان قليل.
والضحك المحظور للمؤمن هو الناشئ عن الغفلة ، دون الضحك بشرا تلطيفا لجو المجتمع الذي يعيشه ، فإنه محبور ، وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مبتسما.
إذا فالضحك والبكاء هما ظاهرتان ـ في الأغلب ـ لفرح أو قرح في القلب ، فلأن قلب المؤمن قرح بما يرى من نفسه ومن سواه ، فهو باك وإن لم يظهر بكاءه ، حيث الأصل في البكاء هو انكماش النفس ، كما أن قلب الكافر فرح مرح حيث يعيش حرية أهواءه ومعه رفاقه الكثير مهما لم يظهر فرحه.
فالأصل في (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) هم غير المؤمنين ، هنا لو عرفوا مآلهم بحالهم الكافرة ، وهناك ليس إلا البكاء شاءوا أم أبوا.
ثم الأصل في المؤمنين أن يكونوا فرحي القلب (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً)