(الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٩٧).
تأتي «الأعراب» في عشرة كاملة من نصوص القرآن ، في كلها تنديدات بهم إلّا واحد هو : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) (٩٩) مما يدل على أنهم ككل إلا نزر قليل غارقون في الضلالة والمتاهة (١) ، اللهم إلّا نص ثان قد يعذرهم إذ لمّا يصلوا إلى الإيمان وهم يتحرون عنه : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤٩ : ١٤).
ولا تعني «الأعراب» ـ على كل حال ـ الأمة العربية ، إنما هي من العرب : الظهور ، كإعراب الكلمة فإنه إظهارها في حالتها الأدبية في الجملة ، والعربي هو الظاهر كما و (عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) هو الظاهر المظهر ، وفي عربية القرآن ظهوران اثنان : أصل اللغة فإنها أعرب اللغات وأظهرها تأدية لمعانيها ، وشاكلة البيان المتميز في القرآن. فهم ـ إذا ـ أهل البوادي ، البعيدون بطبيعة المناخ الصحراوي ، عن الثقافة الإسلامية ، سواء أكانوا من الأمة العربية أم سائر الأمم ، دون اختصاص بمن يتكلم باللغة العربية ، حيث اللغة ولا سيما العربية لا تخرف أو تضل حتى يكون المتكلم بها أشد كفرا ونفاقا ممن سواهم ، وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ممن سواهم.
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٦٩ ـ أخرج أبو الشيخ عن ابن سيرين قال : إذا تلا أحدكم هذه الآية (الْأَعْرابُ أَشَدُّ ..) فليتل الآية الأخرى ولا يسكت (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).