فليس الله ليأمر بقتال أمثال هؤلاء آمنوا أم لمّا يؤمنوا أم لا يؤمنون ، إنما هم الموصوفون بتلك السبع الجهنمية ، صدا عن فتنتهم وتسديدا لهم عن بغيهم ، فإنهم بصفاتهم هذه حرب على دين الله اعتقادا وسلوكا ، وطعن فيه ككلّ حربا على الكتلة المؤمنة بحكم طبيعة التعارض والتصادم المبدئيين بين دين الله ودين ما سواه.
فكما المشركون تجب قتالهم دفاعا عن صالح العقيدة وصدا عن الطعن في الدين ، كذلك الكتابيون الذين يقتفون آثارا لهم مهما تسموا بالكتابيين.
ولقد أثبت الواقع التاريخي المرير واقع التعارض بينهم وبين المسلمين ، وقوفا لهؤلاء الكتابيين في وجه الدين ككل ، وفي وجهه كهذا الأخير ، وإعلان الحرب عليه وعلى أهله دون هوادة خلال الفترة السابقة لنزول هذه الآية حتى يومنا هذا.
ذلك ، فأقل تقدير لإصلاح الحال ضمانا لإزالة هذه العوائق المزرية ، وحفاظا على عدم الإكراه في الدين ، هو كسر شوكة السلطات القائمة على ما يضاد الدين الحق حتى تسلم أو تستسلم ـ ولأقل تقدير ـ عيشة تحت الذمة بدفع الجزية ، سلبا لطليق حريتهم في معارضة دين الله.
ففي مثلث استسلامهم ، ومساهمتهم في نفقات الحفاظ على أنفسهم ، وعدم المظاهرة الضارة ضد الدين ككل وضد الإسلام ، تشكّل هندسة المهادنة لردح التجربة للمجموعة ، ولهم انجذابا إلى شرعة الحق ، أم ولأقل تقدير تركا لمعارضتها.
ذلك ، رغم أن هذه القضية اليوم أصبحت تاريخية فحسب ، إذ لا وجود لهكذا مسلمين ودولة إسلامية تصلح لتطبيق هذه الأحكام السياسية ، فعلينا أولا أن نفتش عن وجود جادّ جيد للمسلمين ، ثم نتحدث عن هذه الإصلاحات والصلاحيات ، والمنهج الإسلامي هو دائما منهج الواقعية دون الخيالية الأحلامية المعلقة على هواء الفروض وأهواء الافتراضات ، فليس