إلى هؤلاء أن الإنفاق في سبيل الله نائبة لازبة لا مخلص عنها ، ثم الدائرة هي الحالة التي تدور بين مختلف الناس ، وتتغلب على الحالات السيئة التي تحيط بمن تدور عليه ، وهنا (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) تختص بهم سيئاتهم ، فقد تدور على المؤمنين دوائر هي ابتلاءات لهم فهي لهم خيّرة مهما تظهر بمظهر السيئة ، بل وكضابطة كلّ ما يصيب المؤمن قضية إيمانه هو خير له مهما كان عليه صعبا ملتويا ، وكلما يصيب غير المؤمن قضية فسقه فهو شر له مهما كان له سهلا وفقا لما يشتهيه.
إذا ف (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) إخبار في موقف دعاء ، وفي تقديم الظرف حصر لدائرة السوء فيهم وحسر عن المؤمنين ، فمهما تربص الضالون بالمؤمنين دوائر السوء فليس ليصيبهم إلّا خير ، وعليهم أنفسهم دائرة السوء.
فلقد ردت عليهم دائرة السوء فلا تفلتهم ، وتطبّق عليهم فلا تدعهم ، وهكذا نرى المنافقين الجفات كيف يعيشون ضنك الحياة الجهنمية هنا قبل الجحيم هناك : (مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ..).
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٩)
هؤلاء الأكارم بين أولئك اللئام هم نزر ندر حيث (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلتة منهم في اللفتة إلى إيمان ، وشذوذ عن البدوية البعيدة إلى منجزات الإيمان (وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ) في سبيل الله (قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) فهناك إنفاق مغرم وهنا إنفاق مغنم ، وعلّ جمعية القربات رغم إفراد «ما ينفق» هي قضية جمعية النيات والطويات الصالحة في مختلف مجالات الإنفاق في سبيل الله.
هكذا (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) حيث أمر أن يصلي عليهم في صدقاتهم : «وصل عليهم» (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) وهنا الإفراد علّه يعني