أصحاب الأموال «صدقة» هي الزكوة المفروضة ، ولأن (أَمْوالِهِمْ) جمع مضاف يفيد الاستغراق ، إذا فمستغرق الأموال هي كلها مجال واسع لأخذ واجب الصدقة ، دون اختصاص بالتسعة الشهيرة ، فحتى لو دل دليل على ذلك الإختصاص لكان ناسخا لهذه الآية إذ لا تقبل ذلك التخصيص فإنه مستهجن ، وإذ لا ناسخ لها في القرآن ، بل الآيات الآمرة بالزكوة والصدقات هي بين مستغرقة للأموال وصريحة في التخطي عن هذه التسعة (١) ثم السنة لو دلت على ذلك الإختصاص ـ ولا تدل ـ فليست لتنسخ القرآن على أية حال ، لا سيما وأن قرابة مائة من الروايات تدل على تحليق الزكوة على كافة الأموال ، واليتيمة القائلة «عفى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عما سوى ذلك» إما مطروحة أو مأولة ، إذ ليس من شأن الرسول العفو عما فرضه الله.
لذلك كله فهذه من عداد الآيات الدالة على تحليق الزكوة على كافة الأموال.
والقول إن (مِنْ أَمْوالِهِمْ) تبعّض الأموال المأخوذة منهم لمكان «من» قرينة على ذلك التبعيض؟ مردود بأن المأخوذ على أية حال بعض من المال الزكوي ، فلا يصح «خذ أموالهم» وإنما «من أموالهم» أي : بعضا من كل الأموال ، ولو عني البعض من البعض لكانت عبارته «خذ من بعض أموالهم».
ولأن «خذ» أمرا دليل الوجوب ، فهو «من أموالهم» المفروض الأخذ منها ، فهو ـ إذا ـ الزكوة المفروضة ، أمّا شئت أن تسميه إذ لا مشاحة في الألفاظ.
وقد قدر ذلك البعض في البعض من الأموال ب ٥ / ٢ ـ أو ـ ٥ ـ أو ـ ١٠ في المائة كضريبة لأقل تقدير ، ومن ثم ضريبة غير مستقيمة مستفادة
__________________
(١) كآية الأنعام : «وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» (١٤١).