وهنا مسائل مستفادة من آية الخلط :
العمل الصالح لا يحبط بالعمل السيء اللهم إلا فيما يستثنى بثابت النص وناصعه ، كالإشراك بالله وما أشبه.
«عسى» من الله حتم ، وعساه يعني فيما يقول «عسى» ـ إضافة إلى ما مضى ـ تدليلا على أنه ليس ملزما بالرحمة غير المستحقة ، وإنما هي تفضل يعبر عنه ب «عسى».
«اعترفوا» ماضيا دليل على سابق اعترافهم بذنبهم ثم (أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) دليل مستقبل التوبة المرجوة عليهم ، وعلّ الفصل يعني تكميل التوبة حيث الاعتراف بالذنوب ليس نفسه التوبة ، بل هو تقدمة لها.
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١٠٣).
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم (١) وغيرهم من
__________________
(١) في قصة أبي لبابة يروي القمي في تفسيره ... فلما كان بعد ذلك ورسول الله في بيت أم سلمة نزلت توبته فقال : يا أم سلمة قد تاب الله على أبي لبابة فقالت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفأؤذنه بذلك؟ فقال : لتفعلن فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك فقال : الحمد لله فوثب المسلمون ليحلوه فقال : لا والله حتى يحلني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا أبا لبابة قد تاب الله عليك توبة لد ولدت من أمك يومك هذا لكفاك فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفأتصدق بمالي كله؟ قال : لا ، قال : فبثلثيه؟ قال : لا قال فبنصفه؟ قال : لا قال : فبثلثه؟ قال : نعم ، فأنزل الله : وآخرون ... خذ من أموالهم صدقة .. ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة.
أقول : وأبو لبابة هذا هو الذي خان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث أرسله أمينا إلى بني قريظة لما حوصروا. فقالوا له يا أبا لبابة ما ترى أنزل على ما حكم محمد ، فقال : أنزلوا واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح وأشار إلى حلقه ثم ندم على ذلك فقال خنت الله ورسوله ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلا ثم شده إلى الأسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة ـ إلى آخر القصة ..