ولأن الصلاة هي خير موضوع ، حيث هي عمود الدين وعماد اليقين ، ثم الركوع والسجود هما أظهر مظاهر العبودية في الصلاة ، إذا ف (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) هما مرحلتان أخيرتان مكملتان لمربع التوبة العبادة الحمد السيح.
ومن السيح في الصلاة أن تكون في جماعات ، قصدا إليها من كل مكان قريب أو غريب ، توحيدا للصفوف ، وتوطيدا للألفة بجمع الألوف.
هذه هي الست الأولى التي تتبنى صناعة الإيمان الوفي لأشخاص المؤمنين ، ومن ثم الثلاث الأخيرة كمسؤوليات هامة جماعية لهؤلاء الذين تخطوا الخطوة الأولى ، تقديما للأمر والنهي بما هما قائمتان لصرح الإسلام العام ، وتأخيرا ل (الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) كضابطة للحفاظ على حدود الفرد والجماعية الربانية للأفراد والجماعات ، فالإيمان الوفي على تفاصيل مواصفاته يختصر بجمعي الصفات الفردية والجماعية في (الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) وهنا موقع البشارة السارة : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
ثم (الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) تعم الفردية والجماعية ، بكل مراحل الحفظ : تعلما واعتقادا وتعليما ، ودعوة ودعاية لها ، وحفظا عن التحريف والتعطيل والتجديف ، وحفاظا على صالح التطبيق دون زيادة عليها أو نقيصة عنها.
إذا فالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، وما أشبه من المحافظة على حدود الله ، كل ذلك معني ب (الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) وإذا (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بهذه الرسالة السامية ، تطبيقا لهذه الشروط الإيمانية.
(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)(١١٤).