ونكران رسوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ... لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ..) (٥٨ : ٢٢) رغم ذاك يوادّ الرسول أبويه وعمه خروجا بذلك عن الإيمان بالله واليوم الآخر؟!.
وبينما الله يقول : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (٩ : ٢٨) (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (٧٤ : ٥) رغم ذاك يقرب الرسول أقرباءه المشركين إليه ويستغفر لهم!.
وحين يقترف أمثال هذه الذنوب العظام فكيف يقول الله عنه (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (٣٣ : ٢١) وهي أسوة طليقة غير محدودة ، بينما يحدد الأسوة بإبراهيم بغير استغفاره لأبيه وهو معذور في استغفاره له : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٦٠ : ٤) ومن قضايا البراءة ـ الأصلية ـ ترك الاستغفار لمن يتبرأ منه حيث هنا (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) ومن قبل استغفر له ولمّا يتبين له أنه عدوّ لله ، حيث لمّع له ولمّح قوله : (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) كأنه يعده فرصة مليا ليكفر في أمره علّه يجدّد أمره ، فاعتبره وعدا للإيمان فوعده الاستغفار ثم استغفر له ولمّا يتبين له أنه عدو لله.
فما لهم أولاء المفترين على الله وعلى رسوله ، أنه استغفر للذين ماتوا مشركين ، تخلفا عن شرعة الإيمان بالله ، فضلا عن رسالة الله!.
أم كيف يفترى على رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يستغفر لأبويه وعمه المشركين! وهم ماتوا في العهد المكي ، يستغفر طوال تسع سنين أو يزيد حتى نزلت هذه الآية في السنة التاسعة ، وهو كان منهيا عن موادتهم والاستغفار لهم منذ بداية الدعوة؟!.
وحين يبرّر هنا استغفار إبراهيم لأبيه أنه كان قبل ما تبيّن له أنه من