أصحاب الجحيم ، فكيف يبرّر ـ بعد ـ استغفار محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبويه وعمه بعد ما تبين له أنهم من أصحاب الجحيم إذ ماتوا مشركين؟!.
أجل (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ـ ف «ما كان» تضرب إلى أعماق الماضي تحريما عريقا لذلك الاستغفار الاستهتار ، فلا سبيل ـ إذا ـ للمفتري على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول : إنما حرم من بعد ما استغفر ، ولو كان حلا من ذي قبل لم يعتذر لإبراهيم في استغفاره أنه ما كان يتبين له أن أباه من أصحاب الجحيم ، و «ما كان» ضاربة إلى أعماق الزمن الرسالي ، أن النبوة والإيمان يمنعان من الاستغفار للمشركين على مدار الزمن الرسالي دونما استثناء ، حيث علّق السلب بوصف النبوة والإيمان ، وكما يدل عليه الإستدراك لإبراهيم وليس معنيا بشخص النبي هنا.
إذا فكيف يستغفر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبويه وعمه الميتين على الشرك وقد تبين له من ذي قبل أنهم من أصحاب الجحيم! ثم كيف يعتذر لإبراهيم ولا يعتذر لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أول العابدين وأفضل النبيين؟!.
وحين يعد الله الميتين على الشرك أليم العذاب في مئات الآيات ، فالاستغفار لهم ـ إذا ـ يعني أن يخلف الله وعده وهو خارج عن أدنى الآداب الإيمانية فضلا عن الأدب الرسالي لمن هو في أعلى قمم الرسالة.
وتبيّن كون المشرك ومن أشبه هو من أصحاب الجحيم قد يكون بتبين الله كالذين يقول عنهم : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أم بموتهم وهم مشركون.
فالمشرك ـ فضلا عن سواه من الكفار ـ الذي يرجى إيمانه ، أم لم يتبين أنه يموت مشركا ليكون من أصحاب الجحيم ، إنه يجوز أن يستغفر له فضلا عن المتحري عن إيمان ، أو الذي يلمح بوعده الإيمان ، وهكذا