نفسه ، ولا يحفظوا منهجهم في المواطن التي تحضر فيها نهجه ، اقتداء به واتباعا لأثره.
ذلك ، وهم الذين تبنّوا هذه الحركة المباركة الإسلامية بمناصرة المهاجرين ، فهم أهلوها الأقربون ، فهم بها ولها ولهذا الدين الجديد كأس وأثافي ، فقد آووا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونصروه وعزروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ، فباتوا يمثلون القاعدة الصلبة الرصينة المتينة للإسلام في الجزيرة كلها ، وإلى كل المعمورة ، وكذلك القبائل الضاربة من حول المدينة منذ أسلمت وباتت تؤلف الحزام الخارجي للقاعدة ، فهؤلاء وهؤلاء ليس لهم أن يتخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه في صالح الإسلام ودولته.
ذلك ، ولكنه ليس يختص بهم حيث التكاليف الإيمانية عامة لا تختص بفريق دون آخرين.
فقد تحلق طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يفعل أو يقول ، والرغبة فيه ، تحلقان على كل عصر ومصر من ساكني القصور إلى ساكني الأكواخ ، حيث التكليف رسالي تعم كل زمان ومكان وأيا كان من المكلفين إلى يوم الدين وأيان.
ولقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقود الأمة إلى كل خير وهو السباق إليه ، ومن قوله في السرايا التي كان يتركها : «والذي بعثني بالحق لو لا ضعفاء الناس ما كانت سرية إلا كنت فيها» (١).
ذلك ، ولا يعني التخلّف عن رسول الله إلّا التخلف عن أمره ، فإذا نهى عن الخروج معه كان الخروج معه تخلفا عنه ، كما أن عدم الخروج
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٩٢ ـ أخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لما نزلت هذه الآية (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ..) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ..