معه حين يأمر به تخلف عنه.
ثم (لا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) تعني لا تحجبهم أنفسهم بمشتهياتها ورغباتها أن يرغبوا لها عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) فالباء هنا للسببية والمصاحبة : لا تكن أنفسهم سببا للرغبة عنه ولا مصاحبة لها ، بل عليهم أن يقدّموا رغباته على رغباتهم ف (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ).
وليست الآية لتأمر بالقتال معه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنما الائتمار بأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) مهما كان قعودا ، كما للقاصرين والعجّز وغير المحتاج إلى حضورهم ، أم خروجا وهو لقدر الكفاءة ، فلا تنافي آية النفر ـ التالية ـ حتى تنسخ بها.
هذا ، وذلك التأليب والتأبيب بمن يتخلف عن رسول الله أو يرغب بنفسه عن نفسه ، وذلك التشجيع بطاعته وولايته الطليقة ، كل ذلك يرجع إلى صالحهم أنفسهم كمؤمنين بهذا الدين ، ف :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
فظمأ في سبيل الله في الهاجرة الحارقة ونصب في سبيل الله تعبا ناصبا ، ومخمصة في سبيل الله جوعا مدقعا ، ووطأة في سبيل الله موطئا يغيظ الكفار ، ونيلا من عدو الله في سبيل الله في نفس أو نفيس ، كلّ (كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ) في مخمسه.
ومن ثم (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) في سبيل الله (وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً) في سبيل الله (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ) به عمل صالح (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ) بهذه الوفرة الغالية (أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) وهو هنا هذه السبعة المباركة لهؤلاء السالكين إلى الله.
ولقد أثر ذلك البلاغ البالغ في قسم من المؤمنين لحد عزموا على