والمحاظير بما يتفقهون عندهم ، وهي الحدود والثغور المعرفية والعقيدية والعملية.
فهنا «ليتفقهوا» لا ترجع ـ فقط ـ إلى النافرين ، فإن مجال النفر هو الجهاد وليس التفقه في الدين ، فالمحور الذي تحور حوله الآية هو «المؤمنون» و ـ إذا ـ ف «ليتفقهوا» هم غير النافرين.
ذلك ، وإن تكن جبهات الحرب أيضا مجالات لعملية التفقه في الدين ، ولكنها ليست إلّا على هوامش الجهود من المتفقهين الرسميين للدّين ، فهم الأساتذة الأولون في إنذار النافرين ، مهما تلمذوا عليهم هؤلاء تفقها عمليا للجهاد في سبيل الله.
وفي إرجاع ضمير الجمع في «ليتفقهوا» ـ فقط ـ إلى النافرين جمع لمسؤولية التفقه مع الجهاد فيهم ، وسلب لهما عن الباقين ، رغم أن مجال التفقه للباقين أوسع بكثير من النافرين.
ذلك ، وقد يعنى من ضمير الجمع كلا الباقين (١) والنافرين (٢) مهما
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٩٢ ـ أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : نسخ هؤلاء الآيات : انفروا خفافا وثقالا ... قوله : وما كان المؤمنون لينفروا كافة ، يقول : لينفر طائفة ولتمكث طائفة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فالماكثون مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هم الذين يتفقهون في الدين وينذروا إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو لعلهم يحذرون ما نزل من بعدهم من قضاء الله في كتابه وحدوده ، أقول : وأخرجه مثله عن عبد الله بن عبيد بن عمير.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٢٨٢ عن الكافي عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إذا حدث على الإمام حدث كيف يصنع الناس؟ قال : أين قول الله عزّ وجلّ : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ..) قال : هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم ، وفيه عنه عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية؟ قال : الحق والله ، قلت : فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال : لا يسعه ، إن الإمام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد وحق ـ