إن موظفي محاكم تفتيش العقائد كانوا يحمون المتهم لحد الحرق ، ويعلقونه لحد كانت أعضائهم تتفكك ، ويقطعون بالمعضات الحديدية لحومهم ، ويضغطون على أيديهم وأرجلهم بمعاقد حديدية لحد تسمع دقات تفكك عظامهم ، ويدخلون الإبر تحت أظفارهم حتى يقرب المتهم إلى حالة النزع فيلجأ إلى الإقرار بما يريدونه منه ، وكانت نتيجة ذلك الإقرار انهم يخنقونه قبل حرقه ، وأما الذين لا يقرون فإلى الإحراق أحياء.
ومن جملة هؤلاء المعذبين الفيلسوف الأوروبي (وانينت) (١) إذ قطعوا لسانه ـ قضية عدم إقراره بما يريدونه منه ـ وأحرقوه أمامه ، ثم قتلوه شر قتلة.
__________________
ـ يشكل علي كثيرا أن أكتب عنها باطمئنان.
ذلك ، فمدراء الكنائس الإنجيلية كانوا يعاملون المتهمين هكذا ، والمسيح نفسه كان يواجه الملحدين بكل لطف وحنان حتى يجلبهم إلى الحق.
هؤلاء أحرقوا خلال سنين أكثر من / ٣٢٠٠٠ متهما وعذبوا / ٣٤٠٠٠ شخصا لحد أنهى إلى موتهم ، وفي الجمعين عديد من العلماء الذين كانوا يتشككون في الأناجيل المزخرفة ، أم كانوا يخترعون ما لا تمضيه الأناجيل.
ذلك ، ونموذجا من سائر الجرائم الكنسية إليكم العرض التالي :
يقول الدكتور جوستاولوبون الفرنسي في تاريخ التمدن الإسلامي : أن عظيم الأساقفة أمر في المحكمة المقدسة! أن يقتل الأعراب غير المسيحيين مع نساءهم وأطفالهم بالسيف ، وراهب آخر تخطى هذه الجريمة البشعة وأمر بقتل الأعراب مسيحيين ومسلمين عن بكرتهم ، باحتمال أن إيمان المسيحيين منهم غير صادق.
وهذا الراهب المسمى ب (بلدا) يذكر بكل سرور أن ثلاث ملايين من هؤلاء المحكومين قتلوا في الطريق ، وفي مهجر من مهاجر المسلمين وعددهم / ١٤٠٠٠٠ شخصا ، إذ كانوا يهاجرون إلى أفريقيا قتل منهم / ١٠٠٠٠٠ شخصا.
وهكذا أحرق (كزيمنس) عظيم الأساقفة / ٨٠٠٠٠ كتابا إسلاميا ظنا منه أنه قضى بذلك على الإسلام المناوئ للمسيحية.
وكل ذلك كان في أسبانيا : الأندلس ، عند التغلب عليها ، ويكتب (آناتول فرانس) إن الحملة الوحشية لشمالي الأوروبا على الأندلس محقا لكثير من المسلمين القاطنين فيها ، وطمسا لآثارها العلمية الإسلامية ، إن ذلك سبب تأخر الأوروبا عن التقدم العلمي / ٥٠٠ سنة.