نور الله ، حيث النور القوي فضلا عن نور الله الأقوى ليست لتطفأ بالأفواه ، وهذا من عجيب البيان الشامل للوجهين بتصغير شأنهم وتضعيف كيدهم ، لأن الفم يؤثر في الأنوار الضعيفة ، دون الأنوار القوية ولا سيما الإلهية! ، فمن يزعم أنه يطفئ نور الشمس بفيه ففيه ما فيه فضلا عن نور الله التي أضاءها فمن ذا الذي يطفيها بفيه!.
هنا «نور الله» تعني إلى نوره خالقا ربا ، نوره خلقا كما في آية النور : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ ..) فهو ذاته نور السماوات والأرض بهداية تكوينية وتشريعية وكافة الربوبيات ، وهو في شرعته نور السماوات والأرض.
وكما هو واحد في نورية ذاته وأفعاله وصفاته ، كذلك هو واحد في نوره الرسولي والرسالي ، فإن الرسل والرسالات سلسلة واحدة موصولة مع الزمن ، متبلورة متوحدة في النور المحمدية والمحمديين من عترته المعصومين (عليهم السلام) وكما قال في آية النور بيانا لظرف مثل النور : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ. رِجالٌ ...)(١).
فالوحدة في «نور الله» هنا و «نوره» هناك ، كوحدة «رسوله» هنالك ، هي مما توحد رسالة الله على كثرتها ، حيث تتوحد في هذه الرسالة السامية المهيمنة على الرسالات كلها.
فنور الله الرسولية المحمدية لا تطفأ بما حرفوه من بشارات الوحي الكتابي ، كما أن نور الله الرسالية المحمدية لم تطفأ بما حرفوه من أحكام الله وسائر جهات اشراع الله ، حيث الهيمنة المحمدية القرآنية والقرآنية المحمدية ، قد تمت بها نور الله (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) وحاولوا ما حاولوا في إطفاءها.
لقد جهد المضللون قبل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه وبعده (٢) أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلّا أن يتم نوره ، لا
__________________
(١) المصدر في كتاب الغيبة للطوسي (ره) عن محمد بن سنان قال : ذكر على بن أبي حمزة ـ