نطيعهم كما يطاع الله ، رغم أخطاءهم القاصرة أو المقصرة أمام شرعة الله ، وهكذا :
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(٣٢).
«بأفواههم» القائلة هذه القولات المائلة ، المضاهية قول الذين كفروا من قبل ، وإطفاء نور الله وهو توحيده الحق بصفاته الحقة ، وهو شرعته الصالحة غير الدخيلة ، فهو كلما أراده الله من عباده معرفة وعملا صالحا ، يريدون ليطفئوا كل ذلك بنقاب شرعة الله ، خلقا لجو التضاد بين الدين ونفسه ، (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) المسرود في كتابات وحيه ، بالقرآن ، ونوره المرسل برسول القرآن (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
إن الشيطنة الكتابية المدروسة ضد كتابات الوحي ورسله (١) ، هي كتقدمه لإطفاء نور القرآن ونبيه ، ولكن الله يريد (أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) بهذه الشرعة الأخيرة المهيمنة رسولا ورسالة على كافة الرسل برسالاتهم.
وشاهدا على خصوص ذلك القصد اللعين اللئيم بين عمومه آيات الصف : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٦ : ٩).
وهنا وجه آخر في «بأفواههم» هو الإشارة إلى ضآلة المحاولة لإطفاء
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢١٠ في كتاب الإحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه : وقد بين الله تعالى قصص المغير بن بقوله (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ ..) يعني أنهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه وحرفوا منه.