وقد نظر عثمان بن عفان إلى كعب الأحبار فقال له يا أبا إسحاق ما تقول في رجل أدى زكوة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك شيء؟ فقال : لا ـ ولو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شيء ، فرفع أبو ذر عصاه فضرب بها رأس كعب ثم قال له : يا ابن اليهودية الكافرة ما أنت والنظر في أحكام المسلمين! قول الله أصدق من قولك حيث قال : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ..)(١) والأحاديث التي تقول المال الذي أدى زكاته فليس بكنز (٢) لا تعني النصابات المقررة المعنية من ربع العشر
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢١٣ في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل وفيه نظر عثمان بن عفان ...
أقول : وهذه المحاولة الارستقراطية العثمانية تتبين أكثر حين حاول أن يسقط الواو من آية الكنز حصرا لها بأهل الكتاب حتى لا تشمله هو وأضرابه من الأثرياء.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٣٣٢ ـ أخرج ابن عدي والخطيب عن جابر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أي مال أديت زكاته فليس بكنز» وأخرجه ابن أبي شيبة عن جابر موقوفا ، وفيه أخرج ابن مردويه والبيهقي عن أم سلمة أنها قالت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن لي أوضاحا من ذهب أو فضة أفكنز هو؟ قال : كل شيء تؤدي زكاته فليس بكنز.
وفي نور الثقلين ٣ : ٢١٣ في أمالي الشيخ باسناده لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كل مال تؤدى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.
وفيه أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : أربعة آلاف فما دونها نفقة وما فوقها كنز. وفيه عن الكافي بسند متصل عن معاذ بن كثير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنزه حتى يأتيه به فيستعين به على عدوه وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه «والذين ...» أقول : هذا حكم مصلحي في تجزءة حكم الآية حفاظا على حاجيات الدولة الإسلامية الكبرى إذا قامت ، وهدما لدويلات الجور بترك مساعدتها من زائد الإنفاق من الكنوز ، ولكن فيه أن سبيل الله لا تختص بما تقرره الدولة. وفيه عن أبي جعفر (عليهما السلام) في الآية فإن الله حرم كنز الذهب والفضة وأمر بإنفاقه في سبيل الله وقوله : يوم يحمي عليها ... قال (عليه السلام) كان أبو ذر الغفاري يغدو كل يوم وهو بالشام فينادي بأعلى صوته : بشر أهل الكنوز بكيّ في الجباه وكي بالجنوب وكي بالظهور أبدا حتى يتردد الحر في أجوافهم.