لا يضر بزمن من الحج والعمرة ، ولأن (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) هي الثلاثة الأولى ، ثم و «رجب» غرة العمرة فقد ترجّح الأربعة الأولى على الأخيرة ، وما لفظة «المحرم» بالتي تدمجها فيها ، ودعوى الإطباق بين الفريقين على الثانية لا نعرف لها وجها إلا نفس الإطباق المدعى ، إلّا أن المتواتر معنويا في الآثار عدّ المحرم من هذه الأربعة ، إضافة إلى تظافر النقل عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من عترته (عليهم السلام) على ذلك ، فالأشبه إذا عد المحرم منها بديلا عن شوال ، ومما يرجحه أن الحجيج بعد ختام شعائرهم يظلون أياما أم أكثر بعد ذي الحجة في الحرم ، فقد يناسب كون المحرم من الأربعة الحرم ، وأما شوال فالوافدون فيه للمناسك قلة ، أم هم لأقل تقدير أقل بكثير من الباقين بعد ذي الحجة.
وقد يفضل المحرم مرة أخرى لمكان (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) بعد (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) حيث الظاهر منها هو التلاحق فيها.
وعلى أية حال فقلب الأشهر الحرم هو ذو الحجة الحرام ، وقد خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه خطبته الغراء قائلا أيها الناس هل تدرون في أي شهر أنتم وفي أي يوم أنتم وفي أي بلد أنتم؟ قالوا : في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام ، قال : فإن دماءكم وأموالكم
__________________
ـ بين جمادي وشعبان ، وفيه عن ابن عمر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مثله.
وفي نور الثقلين ٢ : ٢١٥ في تفسير العياشي عن أبي خالد الواسطي عن أبي جعفر (عليه السلام) حدثني أبي علي بن الحسين عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما ثقل في مرضه قال : أيها الناس أن السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثم قال بيده : رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاث متواليات ...
أقول : فهاتان روايتان حول (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهنا ثالثة في الخصال عن أبي عبد الله (عليه السلام) تقول : منها أربعة حرم : عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر وتأويلها أنها حرم خاص ب (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ... فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ).