قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ربطا عليه لحد يقول هو الأصيل في الحزن للبديل فيه الفصيل : «لا تحزن» فهذه نصرة ثالثة ل (ثانِيَ اثْنَيْنِ) تقابلها نكسة لأول اثنين ، حيث حزن ببوادره وظواهره لحد قد يخشى على ظهور الأمر للمشركين المتحرين عنه.
وهنا صاحبه في الغار يحزن هكذا تلهبا وتقلبا لحد ينهاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وهو نهي عن نكير منكر ـ رغم أن هذا الخروج ضمن من خوارق العادات ما تبهر العقول ، وتطمئن أصحاب العقول ، فقد خرج على عيون الأشهاد وما رأوه ، وفور دخوله الغار معه نسجت العنكبوت على باب الغار سترا نهّاه المشركون إلى سنين (١) ، وهما
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٤٠ ـ أخرج ابن سعد عن ابن عباس وعلي وعائشة بنت أبي بكر وعائشة بنت قدامة وسراقة بنت جعشم دخل حديث بعضهم في بعض قالوا : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والقوم جلوس على بابه فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يدرها على رؤوسهم ويتلوا : يس والقرآن الحكيم ـ الآيات ومضى ، فقال لهم قائل : ما تنتظرون؟ قالوا : محمدا ، قال : والله مر بكم ، قالوا : والله ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر إلى غار ثور فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض وطلبته قريش أشد الطلب حتى انتهت إلى باب الغار فقال بعضهم أن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد ، وأخرجه أبو نعيم عن محمد بن إبراهيم التيمي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ... وفي بحار الأنوار ١٩ : ٣٣ ، لما دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر الغار أرسل الله زوجا من الحمام حتى باضا في أسفل الثقب والعنكبوت حتى نسج بيتا فلما جاء سراقة بن مالك في طلبهما فرأى بيض الحمام وبيت العنكبوت قال : لو دخله أحد لانكسر البيض وتفسخ بيت العنكبوت فانصرف وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : اللهم أعم أبصارهم فعميت أبصارهم عن دخوله وجعلوا يضربون يمينا وشمالا حول الغار وقال أبو بكر : لو نظروا إلى أقدامهم لرأونا ...
وفي تفسير البرهان ٢ : ١٢٥ ذكر الطبرسي في أعلام الورى في حديث سراقة بن جعشم مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : الذي اشتهر في العرب يتقاولون فيه الاشعار ويتفاوضونه في الديار انه تبعه وهو متوجه إلى المدينة فساخت قوائم فرسه حتى تغيبت قوائم فرسه وهو بموضع حدب وقاع صصف فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي فنادي يا محمد أدع ربك يطلق لي فرسي وذمة الله أن لا أدل عليك أحدا فدعا له فوثب جواده كأنه ـ