رحمها (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) أو ليست النفس المرحومة بالله مزكاة!.
ولان زكاة النفس من نعمة الرب فلا بد لصاحبها أن يحدث بها (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) لا سيما في مقامات الضرورة لإظهار الحق والدعوة إليه وتطبيقه ، دون التظاهر بالحق وأنت مبطل أو معجب : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٤ : ٤٩) (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) (٥٢ : ٣٢). وقد زكى الله نفس الصديق وهو أعلم به وهو يريد مكانته وتمكّنه في الأرض : (وَكَذلِكَمَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ..)(١).
ومن ثم ليس طلبه إلى الملك أن يجعله على خزائن الأرض إلّا ليعدل حسب الشرعة الإلهية فيمن لا يقرون بحق الله وشرعته ، وإزالة الظلم ثم تقليله من المفروض على عواتق الدعاة إلى الله! وليجد ظرفا صالحا للدعوة الرسالية وذلك من أهم الظروف الواسعة والمجالات الفاسحة.
ثم الضرورات تبيح المحظورات ، فحتى لو كانت قيادة خزائن الأرض والرئاسة عليها في الملكية الفرعونية محظورة للصديق ، لكانت أقل المحظورين حيث الضرورة الرسالية تفرضها.
وقد قبل الإمام الرضا (عليه السلام) ولاية عهد المأمون لنفس الضرورة وأحرى ، فلما يسأل : يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله
__________________
(١) نور الثقلين في تفسير العياشي وقال سليمان قال سفيان قلت لابي عبد الله (عليه السلام) ما يجوز ان يزكي الرجل نفسه؟ قال : نعم إذا اضطر إليه اما سمعت قول يوسف (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وقول العبد الصالح : (وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ).