وهنالك حصحص حق الآية : (إِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١٠ : ١٠٧).
أتراه لماذا (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) دون «مكناه» كما في آخرين في آيات أخرى؟ :
إن التمكين «له» أوسع مكانة وإمكانية من تمكينه ، فقد مكّن ـ بوجه عام ـ كل من في الأرض فيها : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ ..) (٧ : ١٠) وهذا من تمكين إمكانية استعمار الأرض واستثمارها دون منع عنها وتمنّع منها ، ومن ثم مكانة فوقها تخص الماكن فيما يتوجب عليه دون إحراج او إخراج : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٢٢ : ٤١) وهذا التمكين على قدر الماكن من تطبيق واجبه الشخصي ، وآخر جماعي لا يحوجه إلى أكثر من تطبيق مّا قل او كثر ، دون حاجة إلى سلطة زمنية ، وإلا لما وجبت هذه الأربع على الأمة ، حال (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ...)!
ثم التمكين «له» نراه في يوسف كما هنا ، وفي ذي القرنين : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) (١٨ : ٨٤) حال أن فيه نفسه بالنسبة لصناعة السد ، غير المحتاجة الى سلطة واسعة زمنية يقول : (ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) (١٨ : ٩٥) دون «ما مكني له».
وفي السلطة العالمية للذين آمنوا (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ..) (٢٤ : ٥٥) دون «نمكنهم في دينهم» ، كما وفي وعد الإمامة ووراثة الأرض للمستضعفين المؤمنين : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي