العلم إذ ليس له حد ولا حدود ، ففوق كل ذي علم عليم حتى يصل إلى علم بلا حدود ، فلا فوق له ولا قرين حيث اللّانهاية لا تتكرر.
لذلك لا يحق للعالم ـ أيا كان ـ زعمة الزعامة العامة في حقل العلم وإن في تخصص خاص ، فعلّ فوقه عليم ، حتى وإن كان نبيا يوحى إليه ، إلّا من أوحي إليه أن ليس فوقه في كل الخلق عليم كالرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهم إلّا ربه تعالى جدّه.
ف (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) تحكم برفعة الصديق عليهم في درجات ومنها درجة العلم ف (فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) وكما فوق كل ذي فضل فاضل ، حتى يصل إلى خالق الدرجات والفضائل فلا فوق له في أي شيء ولا قرين حتى يقارنه فضلا عن أن يفوقه.
وقد «سأل رجل عليا (عليه السلام) عن مسألة فقال فيها ، فقال الرجل ليس هكذا ولكن كذا وكذا ، قال علي (عليه السلام) أحسنت واخطأت وفوق كل ذي علم عليم» (١) ولا يعني ذلك الجمع إلّا خطأه في مسألته ، وإن كان صواب فهو قول الله (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) فانا فوقك علما كما أن فوقي عليم حتى ينتهي العلم إلى الله ، فمنه نبدأ وإليه نعود.
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ)(٧٧).
هنا ـ ولكي يخلصوا عن الورطة نجيا ـ يظهر كامن حقدهم الدفين على يوسف وبنيامين ، يجعلونهما في خط دون خطهم تبرئة لساحتهم أنفسهم : «إن يسرق» هو فله سابقة من أخيه من أمه وأبيه «فقد سرق أخ له من
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٨ ـ اخرج ابن جرير عن محمد بن كعب قال سأل رجل ...