قبل» فليسرق هو من بعد نسخة طبق الأصل ، حيث الأم لها دورها في التربية مهما اشتركنا في أبينا.
وتراهم هنا يصدقون وهم في ورطتهم ، وقد كذبوا من قبل لاستلاب الصديق عن أبيه وهم في حريتهم؟ إنهم يعنون بهذه الفرية أن يلطّخوا ساحة أخويهم من أبيهم فيضيفون تهمة سرقة لأخ له من قبل إلى هذا الذي ظنوه سارقا من بعد ، وكأنهم لا يشعرون أنهم يكذبون بذلك قولتهم من قبل : (وَما كُنَّا سارِقِينَ) ضاربة إلى أعماق الماضي إلى الحال ، فكيف الحال في سرقة في الحال وأخرى يدعونها في الماضي؟
أجل هناك شيء نتلمح من «أسرّها» فإنها لا مرجع لها إلّا سرقة مستفادة من فعلها ، فقد «أسرها» هنا (يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها) بعينها «لهم» لكيلا يتكشف أمره هنا حتى حين ، وإنما لمّح بصيغة عامة لشر مكانهم في قولهم وما فعلوه من قبل ، وعلى ضوءه لخير مكانه في قوله فيهم وما يفعله الآن : (قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) ثم أرجع العلم بما يصفون من سرقة سابقة إلى الله (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ).
ففي ذلك الموقف نتلمح من كلام الصديق (أَنْتُمْ شَرٌّ ..) وقول الله فيه (فَأَسَرَّها ... وَلَمْ يُبْدِها) أنه كانت له سرقة ولكنها صالحة وليست شريرة طالحة ، فلو أنهم كانوا في قولتهم عنه صادقين ، لم تكن ـ في الحق ـ تثبت عليه إلّا فضيلة لا رذيلة ، ولكنهم عرضوها هنا رذيلة لو أنهم يعنون تلك السرقة الفضيلة.
وعلّها ما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «سرق يوسف (عليه السلام) صنما لجده أبي امه من ذهب وفضة فكسره وألقاه في