ف (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) تسوّف استغفاره لهم لتحقق الغفر تماما ، وأما هو فقد غفرهم حالا دون نظرة الاستقبال ، وهنالك يتم الاستغفار بشروطه وقتا وحقا وحقيقة.
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(١٠٠).
وتراهم (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) في قصره؟ فما ذا يعني ـ إذا ـ بقوله (ادْخُلُوا مِصْرَ ..) وهم داخلون ، فان قصره في أدخل دواخل البلد وأفضله؟ «أدخلوا» لمحة لامعة أنه استقبلهم إلى خارج مصر و «دخلوا» توحي بانه أعد لهم خارجه بيتا أم فسفاطا يليق بنزولهم.
ويا له من مشهد لطيف عطيف في اللّقيا الأولى بعد كرور الأعوام بامتحانات وامتهانات ، وبعد الأشواق المضنية والأحزان الكامدة الهامدة ، واللهوف الظامئة ، حافل بخنقات وانفعالات ، وفرحات ودموعات.
ذلك المشهد الختامي السامي ، الموصول بالمطلع الدامي ، مما يحير العقول ويذكر أولي الألباب.
هناك من يوسف خطوات أربع رائعات بين فعلة وقالة ، كلها تكريمات لهم ولا سيما أبويه ، وبينهما فعلة منهم لديه. ١ (آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ضمهما إليه يطمئنهما بمأواهم لديه وعلى يمينه ، حيث الإيواء ضم إلى مأوى وملجأ ومن الدليل عليه :
٢ ـ (وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) دخولا إن شاء الله ،