ولماذا هنا (فَيَكِيدُوا لَكَ) وهو متعد بنفسه كما «فيكيدوني»؟ اللام هنا لا تعدي ، وإنما تؤكد تخصيصا ان يختصوك بكيدهم بمحاولات قاصدة هادفة ، دون استطراد في جمع ، وذلك من عداوة الشيطان للإنسان ان ينزغ بينهم لحدّ الكيد القتل لأخ حبيب صغير وكما فعل ، والأخوّة من الظروف الجذرية للتحاسد يتعامل معها الشيطان ما وجد إليها سبيلا.
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٦).
«وكذلك» البعيد المدى ، العظيم في الرؤيا ، نسخة طبق الأصل ، وواقعا وفق الصورة (يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ... وَيُعَلِّمُكَ ... وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ..) أترى الاجتباء هنا هو الرسالة ، أم إنها إتمام النعمة؟ فالاجتباء لها كتقدمه وبينهما تعليم الأحاديث؟ حيث الرسالة هي إتمام النعمة إذ ليست فوقها نعمة!
لكنما الرسالة المحمدية وهي القمة العليا من النعمة تتم بفتح مكة : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ... وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ..) فكيف لا تتم هذه النعمة فيما
__________________
ـ يوسف الرؤيا وأصبح يقصها على أبيه يعقوب فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف وبقي مغتما فأوحى الله عز وجل اليه ان استعد للبلاء فقال يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك على إخوتك فاني أخاف ان يكيدوا لك كيدا فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على اخوته ...
أقول وفي هذا الحديث موارد من النظر ، فكيف يحرم يعقوب النبي سائلا وقت الإفطار وعنده كبش مطبوخ ويبقى عنده فضل منه والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع» ثم كيف يؤخذ الابن بذنب الأب لو كان ذنبا وطبيعة الحال تقضي ان الاخوة لما يرون يوسف أحب الى أبيهم منهم يحسدونه ويكيدون ولان الملك عقيم وهم يخافون ان يصبح خليفة أبيه بعده؟! ..