(٦) (وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ليست هي لناكريه مهما كان أهل كتاب من عهد قديم أم جديد ، وحيث البون بين (هُدىً وَرَحْمَةً) هنا وهناك شاسع واسع ، بونا بين المحدود بزمن والشامل لكل الزمن ، مع العلم أن الهدى المحدودة محرفة عن جهات أشراعها فلا تصلح حتى لزمنها المحدود.
فالقرآن بمنظار الإيمان (هُدىً وَرَحْمَةً) وبمنظار تفتيش الواقع (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ ..) وبمنظار الألباب «عبرة» فهو في ذلك المثلث الرائع تبصرة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد»!
وهكذا يتوافق المطلع والختام في قصص يوسف وإخوته ، وقد يختلف عن سائر قصص القرآن فإنها مقصوصة مبثوثة في مختلف المناسبات ، ولكن قصة يوسف مسرودة مترتبة في سورة واحدة لأن طبيعتها تستلزم هذا اللون من العرض ، حيث الحلقات الأصيلة المذكورة منها متلاحقة ، وهي تشكّل قصة واحدة لو قصّت وبثّت في مختلف المجالات لم تكن عبرة كما هي في مواصلتها ، دون سائر القصص حيث تقتص منها حلقات بقلة او كثرة دون تمام في مختلف المناسبات إذ تكفي عبرة ونبهة كقصص نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن دونهم من رسل جاءت قصصهم في مختلف القرآن.