وكلّ منهم يحفظون علينا اعمالنا ويكتبون (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ـ كِراماً كاتِبِينَ ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) (٨٢ : ١٠).
كما كل منهم «يحفظونه» نفسه ، كما يحفظون أعماله (مِنْ أَمْرِ اللهِ) وان كان (اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) (٤٢ : ٦) كما (وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (٣٤ : ٢١) ولكنه (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) (٦ :) ٦١) حفاظا على أنفسنا وأعمالنا ، وكل ذلك بأمر الله ومن أمر الله ، و «انهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير فيخلون بينه وبين المقادير» (١) التي تقدرت عليه بما غيّر من نفسه.
وترى إذ لم يكن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو اوّل العابدين حفيظا (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٤ : ٨٠) فكيف يكون الملائكة وهم دونه حفظة؟! ان الحفظ المنفي هو الحفاظ على هداهم ، إذ ليست إلّا
__________________
ـ يقول الله : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله ، وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك الا الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وملك قائم على فيك لا يدع ان تدخل الحية في فيك وملكان على يمينك فهؤلاء عشرة أملاك على كل بني آدم ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار لان ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل.
(١) المجمع رواه عن علي (عليه السلام) في الدر المنثور ٤ : ٤٨ ـ اخرج ابو داود في القدر وابن أبي الدنيا وابن عساكر واخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان والطبراني والصابوني في المائتين عن أبي امانة (رضى الله عنه) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وكل بالمؤمن ثلاثمائة وستون ملكا يدفعون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك للنصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل من الذباب في اليوم الصائف وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كلهم باسط يديه فاغر فاه وما لو وكل العبد فيه الى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين.