فبناء على ربوبيته في الخلق كما هم معترفون ، وربوبيته في امر الخلق كما عليهم أن يعترفوا (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) يلون أمركم أو أمر الخلق كلا أو بعضا ، من أصنام وأوثان لا تشعر ، أم طواغيت (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) فضلا عن سواهم الذين يعبدونهم أم لا يعبدون ، ففاقد الشيء ليس ليعطيه ، ففي تولّيهم ـ إذا ـ خسار بائر وضلال مبين ، والبون بين حق الربوبية في الله وباطلها في غير الله كما البون بين الأعمى والبصير والظلمات والنور ، فالأعمى مصيره الظلمات والبصير مصيره النور ، ومن يتولى غير الله فهو أعمى يتابع أعمى مثله ، وهما في الظلمات ، ومن يتولى الله هو البصير يتابع البصير ، فهو في نور والى نور ، ف (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١١ : ٢٤)؟
فلأن من له الخلق هو الذي له الأمر ، فليكن شركائهم خلقوا كخلقه حتى يأمروا كأمره (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) فمن خلق لله فله أمره ، ومن خلق لغير الله فله أمره ، فهو ولي في خلقه وأمره كما الله ، ولأن الخلق تشابه عليهم يحتاطون بجمع الأمر لغير الله ، ولا يفصلون نصيبا في الأمر لله! ولكنهم يصدقون أن الخلق كله لله (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
وهكذا تحاط قضية الشركاء في المطلع بسجود من في السماوات والأرض له سبحانه طوعا وكرها وضلالهم بالغدو والآصال ، وفي الختام بالقهر الذي يخضع كل شيء ، وبينهما اختصاص الخلق والأمر بالله ، فاختصاص الولاية المطلقة ـ وهي من مخلفات الربوبية المطلقة ـ بالله.
ولنقف وقفة التأمل الباهر عند وحدانية الخالق (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) لنرى هل هنالك بعد خالق إلّا الله ، وإن كان بإذن الله ، مهما كان