يحاسب كالسابقين والمقربين وأصحاب اليمين.
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٢).
فالصبر ابتغاء وجه الرب صلة ، وإقام الصلاة صلة ، وهما من صلات الرب ، ثم الإنفاق مما رزقوا صلة بأمر الله لعبادة ، ودرء السيئة بالحسنة هو مجمع الصلتين ، فالسيئة العصيان تدرء بالحسنة التوبة وبرجاحة الحسنات ، وبفعل كبائر الحسنات وترك كبائر السيئات ، فهي صلة إلهية ، والسيئة الإساءة إليك من عباد الله تدرء بالحسنة العفو والإغماض ، وبالنصيحة الإرشاد ، فهي صلة خلقية بأمر الله : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (٤١ : ٣٤) و «أولئك» الذين يصلون ما امر الله به ان يوصل (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) عقباها فيها حيث (الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وعقباها بعدها في البرزخ والاخرى.
والصبر ابتغاء وجه الرب هو الصبر في الطاعة فعلا وعن المعصية تركا ، تحملا لمرير الطريق الشاق الطويل المليء بالأشلاء والدماء والحرمانات والهجرانات ، صبرا يتغلب على حاضر الشهوات وحاذر الخطرات وظاهر المغريات.
ثم وإقام الصلاة ليس ـ فقط ـ إتيانها ، وإنما إقامها في نفسك وفي أهلك وذويك ، وفي سائر من يتعظون بعظتك ، او تتم عليهم الحجة بك.
ثم الإنفاق مما رزقتم يعم كافة النعم الموهوبة المحبورة ، التي يمكن الإنفاق منها ، من مال أو منال أو علم ومعرفة أو حال على أية حال ، ففيه صلات روحية وبضمنها مادية.
ودرء السيئة أيا كانت ومن ايّ ، منك إلى الله أم إلى عباد الله ، أم