فالقرآن كله حكم منزل ، يعم الأحكام الفطرية والعقلية والفرعية الشرعية ، لا تجد فيه آية إلّا وتحمل حكما أو أحكاما عربية : واضحة لائحة لدى العقول الصافية ، لا تعقيد فيها ، لا في التعبير لمكان الفصاحة القمة وبلاغتها ، ولا في المعبّر عنه لمكان التجاوب والملائمة التامة مع الفطر والعقول والواقعات والمتطلّبات.
فلا يعني من «حكما» فقط الأحكام الفرعية ، ولا من «عربيا» عربية اللغة ، حتى ينبري المبشر الانجيلي قلائلا أنه يختص بالعرب دون سواهم ، فالحكم هو كل حكم ، والعربية هي كل واضحة لائحة ، فقد يكون الحكم عربي اللفظ في اللغة ، والمعنى معقّد ، ام عربي الدلالة والمعنى مبهم لدى العقل والفطرة ، ام عربي المعنى دلالة ومدلولا ولكنه معقد في التصديق او التطبيق ، فالحكم الذي لا تعقيد فيه دلالة ومدلولا وتصديقا وتطبيقا هو العربي المطلق المطبق ، وكذلك القرآن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ!)
أجل ولا تجد آية طيلة الرسالات الإلهية ، عبر آياتها الرسالية ، أعرب من آية القرآن وأحكم ، لحدّ تعتبر الآية الوطيدة ، غير الوهيدة ، آية كافية وافية لمتطلبات الآيات وزيادة هي رمز الخلود لمن يستقبلونها طول الزمان حتى القيامة الكبرى ، كما كانت لمن مضى.
كما وأنه الحكم كلّه وكلّ الحكم ، حكم الآية التكوينية كآية الرسالة الختمية ، على كونه حكم الآية التشريعية كمادة الرسالة في الأصول الأحكامية وفروعها ، وفي كافة الأقضية على مختلف الحقول الفردية والجماعية ، السياسية والاقتصادية ، الثقافية والحربية أما هيه من أحكام تربط فصالات المجتمعات أو الأفراد ، وهو ـ ككل ـ حكم قيادي يقود كافة المكلفين في دولة مباركة واحدة بزغت منذ الدولة الإسلامية في المدينة المنورة رغم العراقيل التي حالت دون شمولها ، وسوف تشمل العالم كله إرغاما للعراقيل كلها زمن القائم المهدي من آل محمد (ص). (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (٤٠ : ١٢).