ذوات الأجسام ، المدركات بالحواس من ذي لون وريح ووزن وكيل ومادب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس ، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء» (١).
إذا فليس أن الله فرغ من الأمر بما علم قبل ، فقدّره حتى لا تكون لنا خيرة ، ولا لله محو أو إثبات كما قدره بمختلف الخيرة ، فلا إختيار ـ إذا ـ في خير ولا شر ، ولا ينفع دعاء قلبا أو قالبا ، ولا توبة واستغفار وشفاعة ولا أية وسيلة مختارة تقتضي محوا عما كان أو إثباتا له أو تجديدا ، كلا! بل لله الأمر جميعا (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
أمّ الكتاب كأصل مقرر في علمه ليس إلّا عنده ، ثم عندنا الأعمال حسب الآمال ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، ف (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) مما ثبت في علمه الأوّل إذا تسببت في محوه «ويثبت» ما ثبت في علمه الأول إذا تسببت في إثباته ، فالأصل الأول هو الخير لكل كائن في العلم الأول ، ثم ويعلم الله من يستحق إثباته أو محوه ، فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب.
وليس البداء في علمه سبحانه وتعالى عن جهل ، بل هو فينا حيث يخيل إلينا حصول أمر بتخيّل حضور أسبابه ، ثم نراه لم يحصل فيبدو لنا أن أسبابه ناقصة ، فهو إذا ليس إلّا ظهور أمر أو إرادة منه تعالى بعد ما كان الظاهر لنا خلافه جهلا منا بحقائق الأمور ، ف
«من الأمور أمور محتومة كائنة لا محالة ، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم فيها ما يشاء ويمحو
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥١٦ ح ١٧٨ عن اصول الكافي الحسين بن محمد عن يعلى بن محمد قال : سئل العالم كيف علم الله؟ قال : يعلم ...