ثالوث القتل والطرح والإلقاء ، أن يجعلوه في غيابت الجب ، والشر في طائل الشورى ـ ان كان فيها عاقل ـ يبوء الى أقله ، والخير في طائلها إلى أكثره ، فأصل الشورى تخيّرة لصائب الرأي ، وطائلها انتقالة الى أصوبه في الصواب ، وأقله محظورا في غير الصواب.
(قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١٢) :
«لا تأمنا» تصريحة أنه ما كان يأمنهم عليه ، ولا يرسله معهم إلى المراعي ، والجهات الخلوية المرتادة ، حبا له وخشية عليه ، و «مالك» استجاشة لنفي هذا الخاطر الملحوظ من حيطته الدائبة عليه ، ورقابته المتواصلة له.
فهم ـ إذا ـ يلتمسون منه في حوار قاطعة طائلة ـ وبكل حائطة ـ أن يرسله معهم ، وما أبعد ذلك الحنان المحتاط عما تقوله التورات من تبذّل يعقوب يوسفه إرسالا مع إخوته الحاسدين دون أن يطلبوا ، على علمهم ـ كما تصرح ـ بما رأى من رؤياه ، ويكأنه على حبه إياه يبغضه فيهدره (١) ثم البئر
__________________
(١) كما في الاصحاح ٣٧ من تكوين التورات «ومضى اخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم فقال إسرائيل ليوسف أليس إخوتك يرعون عند شكيم؟ تعال فأرسلك إليهم فقال له : ها انا ذا ـ فقال له : اذهب انظر سلامة إخوتك وسلامة الغنم ورد لي خبرا فأرسله من وطاء حبرون فأتى الى شكيم فوجده رجل وإذا هو ضال في الحقل فسأله الرجل قائلا : ماذا تطلب؟ فقال : انا طالب إخوتي اخبرني اين يرعون؟ فقال الرجل : قد ارتحلوا من هنا لاني سمعتهم يقولون : لنذهب الى دوثان فذهب يوسف وراء اخوته فوجدهم في دوثان ، فلما ابصروه من بعيد قبل ما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه فقال بعضهم لبعض هوذا صاحب الأحلام قادم فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى هذه الآبار ونقول وحش ردى اكله فنرى ماذا يكون أحلامه؟ فسمع رأوبين وأنقذه من أيديهم وقال : لا نقتله وقال لهم رأوبين : لا تسفكوا دما اطرحوه في هذه البئر التي في البرية ولا تمدوا اليه يدا لكي ـ