يبهر الأبصار ، ويوله ذوي الأبصار ، لطيف الحركات ، مليح اللمحات ، عالي الصفات ، لحد تقول عنه نسوة في المدينة (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)! فضلا عن العزيز والعزيزة.
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ...) فالممكّن في بلاط العزيز : رئيس الشرط ام رئيس الوزراء أمن ذا ، هذا الذي له العزة الوحيدة ، غير الوهيدة ، في مصر ، وعلّه الملك ، أم ولي عهده ، والممكّن هنا ، المكرم مثواه في ذلك البلاط ، هو ـ دون هوادة ـ ممكنّ في كل البلد.
هذه ظاهرة الأمر ، ولكنها محنة من ناحية أخرى جارفة لا يقف لها إلّا من رحم الله ، ليس السجن إلّا أدناها : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فان جوّ البلاط بما يغشاه من استهتار وفجور ، وفي إصرار امراة العزيز ، ثم نسوة في المدينة ، هو جو المحنة والبلاء ، إلّا لمن رحم الله وعصم.
ذلك ، ولكن التمكين المكين في الأرض ، وإيتاء الحكم والعلم ، يتطلّب سلوك طريق شاقة ملتوية ، مليئة ، بالأشلاء والدماء ، (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)!
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا ... وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) حيث التأويل كان السبب الأخير لنجاته ، واحتلال عرش العزة والملك (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) :
إخوته أرادوا عليه امرا ، والسيارة امرا ، والعزيز ثالثا كلها في ثالوثها إمر ، والله أراد أمرا (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) لا غالب على أمره ولا يسامى ، مهما كان أمره يتخلل أمورا كلها إمر (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) حيث ينظرون و (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ